إنه زمنٌ جديدٌ يسجّل فيه المقاومون إنجازاتٍ عظيمةً، ويسجّل فيه من راهنوا على الغرب والكيان الصهيوني انتكاساتٍ كبرى، ولم يعد من الصعب على المرء أن يرى موضع الجانب الصحيح من التاريخ.    

ما هي الأهداف التي يسعى العدو الصهيوني إلى تحقيقها في غزة؟ وما هي طريقته في الوصول إليها؟  والأهم، هل تقدر أو تصلح أدواته العسكرية لتحقيق تلك الأهداف؟

يتوقع البعض من المقاومة الفلسطينية وفصائلها ألا تسمح للعدو الصهيوني بالتقدم بوصةً واحدةً في قطاع غزة، لكن أولئك لم يقرأوا جيداً طبيعة المعركة عسكرياً.

لا بد من وضع الدمار الشامل الذي يتعرض له قطاع غزة اليوم في سياقه التاريخي، أي في سياق المشروع الصهيوني الإحلالي الاستيطاني، إذ إن تصوير حملة الهدم التي يمارسها الاحتلال في غزة كـ "ردة فعل" يضفي عليها المشروعية.

من السهل أن يستبدل المرء كلمتي "اضطهاد" و"مضطهَد" بكلمتي "احتلال" و"محتل" ليرى النتيجة واضحة، ومن المنطوق الغربي ذاته، إلا إذا كان هناك من يشكك في أن الاحتلال أحد أقسى أشكال الاضطهاد، فما بالك في استعمار استيطاني إحلالي!

لعلّ الأكثر أهميةً هنا حراك الشارع العربي إذ هبّ الملايين رافعين راية فلسطين والمقاومة، من صنعاء وصعدة إلى الرباط وطنجة، مروراً بمعظم الأقطار العربية.

بعد"طوفان الأقصى" لا بد من أن تنعقد حتماً ألسنة المطبعين والتسوويين الذين بنوا جل خطابهم السياسي على فرضية استحالة هزيمة الكيان الصهيوني.

باتت "كبسولة الرأي المعلبة" الطريقة الأكثر اقتصاديةً لفهم العالم عند الجمهور، ومن يتحكّم في مسارات تلك الكبسولات ومضامينها وانتشارها، يتحكم بالتالي في الرأي العام وتوجهاته.

بين سياستي الحمائية والعقوبات، يتعزز الانقسام في الاقتصاد الدولي تدريجياً، ويحاول الغرب أن يفرض على دول العالم الالتحاق بمحوره في مواجهة روسيا والصين.

من المؤسف أن ترى من يطأطئ الرأس أمام أساطير "المحرقة"، ثم يصر على غيرها من الوثائق التي يستغلها الغرب وبنو صهيون للاستهزاء بنا.